اختيار الصديق … “المرء علَى دينِ خليلِهِ مدونة ميغا رول

اختيار الصديق … “المرء علَى دينِ خليلِهِ مدونة ميغا رول

من حسن اختيار الصديق أن تبحث على من يعينك على طاعة الله تعالى ويحثك على ذكره كلما نسيت. فهذا هو الصديق الصالح الملتزم لتعاليم دينه، المطيع لربه، الحريص على رضوان الله، المسارع بالإيمان إلى كل عمل خير، التقي، المحب للسنة وأهلها. المخلص لله، المعادي لله، المبغض للمعصية وأهلها. المستتر، الذي ليس في قلبه عداوة ولا غيرة.

إن وجدت مثل هذا الصديق فاحرص على التمسك به وخاصة في هذه الأيام التي نعيشها والتي يسودها المصالح والفتن. نسأل الله السلامة. لذا كيف أبحث عن هذا الصديق وما هي أهميته وما هي الأسس التي أعتمد عليها؟ وما هي الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية على حسن اختيار الصديق الصالح، وأجمل ما قيل عنه وكيف لي أن أكثر من الصدقات ضمن شروط معينة.

رأي الإسلام في اختيار الصديق

حث الإسلام على أهمية اختيار الصديق الصالح وذلك من خلال استنباط آيات من الذكر الحكيم ومن السنة النبوية:

آيات قرآنية تحث على حسن اختيار الصديق

قال تعالى:

أحاديث نبوية عن اختيار الصديق

أروع مثال عن حسن اختيار الصديق

يتجلى أروع مثال على الصداقة الصادقة والمؤمنة بين حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وبين سيدنا أبو بكر رضي الله عنه. تلك الصداقة المميزة التي شهدتها السيرة النبوية تعكس مدى عمق وقوة العلاقة بينهما.

إذ كان أبو بكر الصديق قد أظهر الإيمان الصادق والدعم الدائم، وأقر بالرسالة النبوية دون تردد، وسار بجوار نبينا الحبيب عليه أفضل اصلاة والتسليم في رحلة الهجرة، مكنت هذه الصداقة القوية من بناء الأمة ونشر الدعوة. قال تعالى: (إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّـهِ هِيَ العُليا وَاللَّـهُ عَزيزٌ حَكيمٌ).

فالصديق الصالح هو الذي يذكرك بربك متى غفلت عن ذكره. قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا) – وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. متفق عليه

آداب العشرة والمصاحبة

قال النووي رحمه الله: “صَرِيح فِي تَعْظِيم حُقُوق الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض, وَحَثّهمْ عَلَى التَّرَاحُم وَالْمُلَاطَفَة وَالتَّعَاضُد فِي غَيْر إِثْم وَلَا مَكْرُوه”

الصديق الصالح هو الذي لا يتتبع أخطاء الناس، وإنما يعينهم وينصحهم. قال ابن مازن: “المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم”. وقال الفضيل بن عياض: “الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان”

الصديق الصالح من سلم المسلمون من لسانه ويده، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف المسلم. وقد قال أبو الفيض بن إبراهيم المصري: “عليك بصحبة من تسلم منه في ظاهرك، وتعينك رؤيته على الخير، ويذكرك مولاك”. ومنها أن يحمدهم بحسن الثناء عليهم، وإن لم يساعدهم باليد .

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَتْ الْمُهَاجِرُونَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قَوْمٍ قَدِمْنَا عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ بَذْلًا مِنْ كَثِيرٍ وَلَا أَحْسَنَ مُوَاسَاةً فِي قَلِيلٍ، قَدْ كَفَوْنَا الْمَئُونَةَ وَأَشْرَكُونَا فِي الْمَهْنَإِ، فَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّه. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَلَّا؛ مَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ بِهِ، وَدَعَوْتُمْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ).

ومن صفات الصديق الصالح: بشاشة الوجه، ولطف اللسان، وسعة القلب، وبسط اليد، وكظم الغيظ، وترك الكبر، وملازمة الحرمة، وإظهار الفرح بما رزق من عشرتهم وأخوتهم. سلامة القلب وإسداء النصحية لإخوانه، وقبولها منهم. موافقة إخوانه وعدم مخالفتهم في المعروف، وحبس النفس على ملامتهم.

قال أبو زائدة: “كتب الأحنف إلى صديق له: أما بعد، فإذا قدم أخ لك موافق، فليكن منك بمنزلة السمع والبصر؛ فإن الأخ الموافق أفضل من الولد المخالف. ألم تسمع قول الله عز وجل لنوح عليه السلام في ابنه: (إِنَهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ إِنَهُ عَمَلٌ غَيرَ صَالِحٍ)”

حب التزاور والتلاقي والتباذل، والبشاشة عند اللقاء، والمصافحة بود وإخاء. وقد كان يقال: “لا تصحب إلا من إن صحبته زانك، وإن حملت مؤونة أعانك، وإن رأى منك ثلمة سدها، وإن رأى منك حسنة عدها، وإن سألته أعطاك، وإن تعففت عنه ابتداك، وإن عاتبك لم يحرمك، وإن تباعدت عنه لم يرفضك”.

وقال أبو عبد الرحمن السلمي: “الصحبة مع الإخوان بدوام البشر وبذل المعروف ونشر المحاسن وستر القبائح واستكثار قليل برهم واستصغار ما منك إليهم وتعهدهم بالنفس والمال ومجانبة الحقد والحسد والبغى والأذى وما يكرهون من جميع الوجوه، وترك ما يعتذر منه”

أن لا يحسد إخوانه على ما يرى عليهم من آثار نعم الله، بل يفرح بذلك ويحمد الله على ما يرى من النعمة عليهم كما يحمده على نفسه. قال الله تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) النساء / 54]

المعاشرة بالمعروف بصدق وإخلاص. قال أبو صالح: “المؤمن يعاشرك بالمعروف ويدلك على صلاح دينك ودنياك، والمنافق يعاشرك بالممادحة، ويدلك على ما تشتهيه، والمعصوم من فرق بين الحالين”.

القيام بأعذار الإخوان والأصحاب والذب عنهم والانتصار لهم. وأن يشارك إخوانه في المكروه كما يشاركهم في المحبوب، لا يتلون عليهم في الحالين جميعًا. أن لا يمن بمعروفه على من يحسن إليه ويستصغره، ويعظم عنده معروف إخوانه ويستكثره.

أن يجتهد في ستر عورة إخوانه وإظهار مناقبهم وكتمان قبائحهم. والتودد إلى إخوانه باصطناع المعروف إليهم، والصفح عما بدر منهم، والتماس الأعذار لهم. وعن محمد بن المنكدر قال: “لم يبق من لذة الدنيا إلا قضاء حوائج الإخوان”.

أسس اختيار الصديق

اختيار الأصدقاء هو قرار مهم يمكن أن يؤثر بشكل كبير على حياتك وسعادتك. لذا لا بد من أسس هامة تعينك على اختيار صديقك بعناية:

كيفية اكتساب أصدقاء جدد

هناك بعض الاقتراحات ربما تساعدك في اكتساب أصدقاء جدد:

تذكر أن بناء الصداقات يستغرق الوقت، وقد يتطلب الأمر بعض التحديات أحيانًا. لكن بالمثابرة والجهد، يمكنك أن تكسب أصدقاء جدد وتبني علاقات جميلة ومفيدة في حياتك.

أهمية اختيار الصديق الصالح

الصاحب ساحب! أحسِن اختيار أصحابك – عثمان الخميس

شروط اختيار الصديق

إذا اجتمعت الشروط الخمسة في الصديق فتمسك به فهذا هو الصديق الحقيقي:

  • إن رآك غافلًا ذكرك.
  • إن رآك ذاكرًا أعانك.
  • أن يذكرك بالله رؤيته.
  • أن يدلك على الله حاله. فيقول كلامًا ويطبقه قبل أن ينصح غيره.
  • أن يزيدك في علمه منطقه. كلما تكلم تزداد علمًا لا تزداد جهلًا.
  • أجمل ما قيل في اختيار الصديق

    قول سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: “ما أعطي عبد بعد الإسلام خيرًا من أخ صالح، فإذا رأى أحدكم وُدًّا من أخيه فليتمسك به”.

    ومن كلام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه ورضي عنه:

    وَلا تَصحَب أَخا الجَهلِ … وَإياكَ وَإِيَّاهُ

    فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى … حَليماً حينَ يَلقاهُ

    يَقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ … إِذا ما هُوَ ماشاهُ

    وَلِلشَّيءِ عَلى الشَيءِ … مَقاييسُ وَأَشباهُ

    وَلِلقَلبِ عَلى القَلبِ … دَليلٌ حينَ يَلقاهُ

    وقول الحسن البصري: “إنّ الصديق الصالح خيرٌ من الأهل والأولاد؛ لأنّه يُذكّر بالآخرة، والأهل يُذكّرون بالدُنيا، ولكلّ شخصٍ من أصحابه نصيب”.

    قال حمدون القصار: (إذا زل أخ من إخوانك، فاطلب له تسعين عذراً، فإن لم يقبل ذلك فأنت المعيب).

    قال هلال بن العلاء: (جعلت على نفسي ألا أكافئ أحداً بشرٍ ولا عقوقٍ اقتداءً بهذه الأبيات:

    لمّا عَفَوتُ وَلَم أَحقِد عَلى أَحَدٍ … أَرَحتُ نَفسِيَ مِن غَمّ العَداواتِ

    إِنّي أُحيّي عَدَوِّي حينَ رُؤيَتِهِ … لِأَدفَعَ الشَرَّ عَنّي بِالتَحيّاتِ

    وأَظهِرُ البِشرَ لِلإِنسانِ أَبغِضُهُ … كَأَنَّهُ قَد حُشيَ قَلبي مَسَرّاتِ

    وأنشد أحمد بن عبيد عن المدائني:

    وَمَن لَم يُغمّض عَينَهُ عَن صَديقِهِ … وَعَن بَعضِ ما فيهِ يَمُت وَهُوَ عاتِبُ

    وَمَن يَتَتَبَّع جاهِداً كُلَّ عَثرَةٍ … يَجِدها وَلا يَسلَم لَهُ الدَهرَ صاحِبُ

    وتاريخ الأدب والفلسفة مليء بأقوال جميلة حول اختيار الأصدقاء وقيمتهم. إليك بعض الأمثلة على أقوال مشهورة في هذا السياق:

    أجمل العلاقات النادرة

    أجمل الصداقات أن تجتمع الخمسة معًا وهي نادرة جدًا:

  • صديق يعينك على طاعة الله تعالى.
  • صديق وقت الضيق.
  • صديق تستطيع أن تفشي له كل أسرارك.
  • صديق تستمتع بمصاحبته فهو صديق متعة.
  • صديق بينكما مصالح مشتركة. شركاء مثلًا في عمل أو في شركة…
  • باختصار…

    الصديق الصالح هو الخليل المعين على كل خير، ذو الخلق الحسن، الآمر بالمعروف، الناهي عن المنكر، المحافظ على حق الصحبة في الغيب والشهادة، يرجو مرضاة الله ولا يرجو غير ذلك.

    المصادر