دع الأيام تفعل ما تشاء – رائعة الإمام الشافعي مدونة ميغا رول

دع الأيام تفعل ما تشاء – رائعة الإمام الشافعي مدونة ميغا رول

دع الأيام تفعل ما تشاء، هي من أروع قصائد الإمام الشافعي رحمه الله التي لا تزال تعيش بين الناس إلى يومنا هذا. فقد تجلت في هذه القصيدة حكمته وحذاقته بأسلوب حكيم وسلس قاصد به النصح والإرشاد، حيث أوضح في بدايتها أن لا بد من التسليم والإيمان بقضاء الله وقدره، وأشار إلى النهي عن الجزع من حوادث الدنيا ولزوم الصبر على أهوالها، لأن هذه الحوادث مقدرة من الله.

كما تابع وأشار بشكل واضح إلى النهي عن البخل الذي ذمّته كل الثقافات والديانات، وأن يكون الإنسان جلدًا صابرًا لا تظهر عليه علامات الذلّ أمام أعدائه، ثم ختم الشافعي هذه القصيدة بالتحدث عن الموت، فإذا دنا أجل المرء لا أرض تقيه منه ولا سماء. وللإفادة أكثر تعرف من خلالنا على كلمات قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء مع إعراب وشرح مفصل لأبياتها ومعاني مفرداتها.

كلمات قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء

قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشي في قصيدته دع الأيام تفعل ما تشاء:

دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ وَطِب نَفسًا إِذا حَكَمَ القَضاءُ

وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ

وَكُن رَجُلًا عَلى الأَهوالِ جَلدًا وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ

وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ

تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ

وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلًّا فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ

وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ

وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ

وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ

إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ

وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ

وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ

دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ

نبذة عن الإمام الشافعي رحمه الله

هو أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ ولد في شهر رجب سنة 150 هجري، وعام 767 ميلادي في مدينة غزة في فلسطين، رافق الإمام مالك 9 سنوات درس فيها الفقه وتمكن منه، فأصبح ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه والحديث، فتتلمذ على يده الإمام أحمد بن محمد بن حنبل ليصبح بعدها أحد الأئمة الأربعة.

كان الإمام الشافعي رحمه الله فصيحًا شاعرًا وراميًا ماهرًا ورحالًا مسافرًا، وعمل أيضًا في القضاء، فعُرف بالعدل والذكاء، مما جعل العلماء يكثرون من الثناء عليه، حتى قال فيه الإمام أحمد بن حنبل: (كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للناس). توفي الإمام الشافعي رحمه الله في مصر في آخر يوم من أيام شهر رجب سنة 204 هـ الموافق لـ 20 يناير/ كانون الثاني 820 م.

شرح مفردات قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء

في هذه القصيدة مجموعة من الكلمات التي تحتاج إلى توضيح معانيها، ولعل أبرزها:

شرح قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء

شرح قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء من البيت (1 – 5)

دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ وَطِب نَفسًا إِذا حَكَمَ القَضاءُ

وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ

وَكُن رَجُلًا عَلى الأَهوالِ جَلدًا وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ

وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ

تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ

الشرح

اجعل نفسك منشرحة راضيةً بقضاء الله تعالى، وتوكل عليه في كل شؤونك واترك الأيام تفعل ما تريده، فعليك أن تتقبّل مرارتها كما تتقبل حلاوتها، فالأمر أمر الله والحكم حكمه، ولا تفقد الصبرعلى ما يلم بك من مصائب الدهر وحوادثه، فتلك المصائب والملمات ستزول، فلا بقاء لها ولا دوام.

وعليك أيها الانسان أن تكون صلبًا قويًا أمام المفزعات والملمات فلا تجبن ولا تضعف، واجعل السماحة والوفاء والكرم خلقك وطبعك في كل وقت وحين، وإن الإنسان لا يخلو من العيوب والأخطاء فإن كثرت عيوبك وأحببت أن تجعل لها سترًا يواريها ويخفيها اجعل الجود والكرم غطاء لعيوبك وما يقع منك من هفوات وزلات فلا شيء يسترها ويغطيها أكثر من ذلك.

شرح قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء من البيت (6 – 10)

وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلًّا فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ

وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ

وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ

وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ

إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ

الشرح

في هذه الأبيات ينصح الإمام الشافعي بالصبر على المحن وعدم إظهار الألم ويقول: لا تظهر لعدوك ذُلَّك ومهانتك لأنه سيفرح ببليتك وبذلك تصبح مصيبتك أكبر وحزنك أعظم، ولا تأمل السخاء والكرم من البخيل الشحيح لأنه كالنار فلا يوجد فيها ماء تروي العطشان وتسقيه بل ربما عكس ذلك، واعلم أن التمهل والتأني لا يقلل من الرزق، والسعي والعناء لا يزيد فيه.

لذلك يجب التوكل على الله تعالى وبذل الجهد بلا إفراط ولا تفريط فالرزق مكتوب ومقسوم، وحياة الانسان لا تستمر ولا تستقر على حال فلا الأحزان ولا الأفراح ولا الشدة ولا سعة العيش باقية فدوام الحال من المحال، فإذا وهبك الله تعالى فؤادًا طيبًا وزينه بالقناعة والرضا بما قسمه لك من رزق فأنت كمن ملك الدنيا وما فيها، فالقناعة هي سرّ الرضا والسعادة.

شرح قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء من البيت (11 – 13)

وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ

وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ

دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ

الشرح

يقول الشاعر: رغم اتساع أرض الله تعالى وترامي أطرافها، فهي تضيق بالإنسان إذا حل به قضاء الله تعالى وقدره وجاء موعد أجله، فلا منجي ولا مهرب من الموت، فمن نزل به الموت وجاء أجله فلا يمكن للأرض أن تحميه ولا للسماء، لذا اترك الأيام تقسو وتغدر كما يحلو لها، فمآل الإنسان إلى الفناء فلا منجي ولا دواء.

إعراب قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء

دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ * وَطِب نَفسًا إِذا حَكَمَ القَضاءُ

ولا تجزع لحادثة الليالي * فما لحوادث الدنيا بقاء

وكن رجلًا على الأهوالِ جلدًا * وشيمتُك السماحةُ والوفـاءُ

وإن كثرت عيوبُك في البرايا * وسرّكَ أن يكونَ لها غطـاءُ

يُغطَّى بالسَّماحةِ كلُّ عيبٍ * وكم عيبٍ يغطِّيهِ السَّخاءُ

ولا تٌرِ للأعادي قـطُّ ذلًّا * فإنَّ شـماتَةَ الأعـداء بلاءُ

وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ * فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ

وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي * وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ

ولا حزنٌ يدوم لا سرورٌ * ولا بؤسٌ عليك ولا رخاءُ

إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ * فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ

وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا * فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ

وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن * إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ

دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ * فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ

قد يهمك: أراك عصي الدمع شيمتك الصبر- أشهر روميات أبو فراس الحمداني

المصادر: