معنى الصمد

أجمل ما قيل في معنى الصمد أنه الكامل المطلق في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته. والصمد هو أحد الأسماء الإلهية التي تُشير إلى وجود الله تعالى وصفاته الفريدة والكمال الذي لا يعيبه شيء.

تحمل كلمة “الصمد” معانٍ عديدة ومشتقة من جذرها العربي، ومنها: القائم على الأمور والمعتمد عليه، والذي لا يحتاج إلى أحد، والمتصف بالكمال والجمال في كل شيء، والذي لا يعاني من أي نقص أو عيب. إنها كلمة ذات معنى عميق ومغزى روحاني يلقي إشارة إلى الكمال والقوة الفائقة لله جل وعلا.

معنى الصمد في القرآن الكريم

ورد اسم الله الصمد مرة واحدة في القرآن الكريم في سورة الإخلاص، في قوله تعالى: “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ …” سورة الإخلاص

الصَّمَدُ: هو الكامل في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته، فهي صامدة إليه. المستغني عن كل ما سواه، كامل في كل ما يوصف به، وأن جميع ما سواه مفتقر إليه.

الصمد في السنة النبوية

عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: «قال الله تعالى: كذَّبني ابنُ آدمَ ولم يكُنْ له ذلك، وشتمَني ولم يكُنْ له ذلك، أما تكذيبُه إياي أن يقولَ: إني لن أُعيدَه كما بدأتُه، وأما شتمُه إياي أن يقولَ : اتخَذ اللهُ ولدًا، وأنا الصمدُ الذي لم ألِدْ ولم أولَدْ، ولم يكُنْ لي كفُؤًا أحدٌ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ»[1]

عن أبي سعيد الخدري قال: «قال النبيُّ ﷺ لأصحابه : أيعجز أحدُكم أن يقرأ ثلثَ القرآنِ في ليلةٍ ؟ فشقَّ ذلك عليهم وقالوا : أينا يطيقُ ذلك يا رسولَ اللهِ ؟ فقال : اللهُ الواحدُ الصمدُ ثلثُ القرآنِ» [2]

عن بريدة بن الحصيب قال: «سَمِعَ النبيُّ ﷺ رجلاً يدعو وهو يقولُ: اللهم إني أسألُك بأني أشهدُ أنك أنت اللهُ لا إلَه إلا أنتَ الأحدُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكن له كُفُوًا أحدٌ أن تغفرلي و ترحمني إنك أنت الغفور الرحيم. قال فقال والذي نفسي بيدِه لقد سألَ اللهُ باسمِه الأعظمِ الذي إذا دُعيَ به أجابَ وإذا سُئِلَ به أعطى.»[3]

معنى الصمد كما فسره العلماء

اختلف أهلُ التأويل في معنى”الصَّمد”. فالله تعالى هو السَّيد، الذي وحْده الملجأ، عند الشَّدائد والحاجات، وهو الذي تنزَّه وتقدَّس وتعالى عن صِفَات المخلوقين.

قال ابن كثير: «عن ابن عباس: هو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه، هذه صفته لا تنبغي إلا له، ليس له كفء، وليس كمثله شيء، سبحان الله الواحد القهار.»

قال القرطبي: «الله الصمد أي الذي يصمد إليه في الحاجات.»

وقال ابن القيم في كتابه “الصواعق المُرْسَلة”: “فإن الصمد من ‏تَصْمُدُ (تتوجه) نحوه القلوب بالرغبة والرهبة، وذلك لكثرة خصال الخير فيه، ‏وكثرة الأوصاف الحميدة له، ولهذا ‏قال جمهور السلف، منهم عبد الله ‏بن عباس: الصمد: السيد الذي كمل ‏سؤدده، فهو العالم الذي كمل علمه، القادر الذي كملت قدرته، الحكيم ‏الذي كمل حكمه، الرحيم الذي كملت ‏رحمته، الجواد الذي كمل جوده، ‏ومن قال إنه الذي لا جوف له، فقوله: ‏لا يناقض هذا التفسير، فإن اللفظ ‏من الاجتماع، فهو الذي اجتمعت ‏فيه صفات الكمال، ولا جوف له، ‏فإنما لم يكن أحد كفوًا له لما كان ‏صمدًا كاملًا في صمديته”.

وقال أيضًا في نونيته:

وهو الإله السيد الصمد الذي صمدت إليه الخلق بالإذعان

الكامل الأوصاف من كل الوجو ه كماله ما فيه من نقصان

قال عكرمة عن ابن عباس: يعني الذي يَصْمُدُ الْخَلَائِقُ إليه في حوائجهم ومسائلهم. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو السيد الذي قد كَمُلَ في سُؤْدُدِه، والشريف الذي قد كَمُلَ في شرفه، والعظيم الذي قد كَمُلَ في عظمته، والحليم الذي قد كَمُلَ في حلمه، والعليم الذي قد كَمُلَ في علمه، والحكيم الذي قد كَمُلَ في حكمته، وهو الذي قد كَمُلَ في أنواع الشرف وَالسُّؤْدُد، وهو الله سبحانه، هذه صفته لا تنبغي إلا له، ليس له كُفْءٌ، وليس كمثله شيء، سبحان الله الواحد القهار.. وقال الحسن وقتادة: هو الباقي بعد خلقه.. وقال عكرمة: {الصَّمَدُ} الذي لم يخرج منه شيء ولا يُطْعَم.

وقال الربيع بن أنس: هو الذي لم يلد ولم يولد. كأنه جعل ما بعده تفسيرا له، وهو قوله: {لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ} وهو تفسير جيد.. وقال الشعبي: هو الذي لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب. وقال عبد الله بن بريدة أيضا: {الصَّمَدُ} نور يتلألأ. روى ذلك كله وحكاه: ابن أبي حاتم والبيهقي والطبراني”.

وقال الشنقيطي في “أضواء البيان”: “من المعروف في كلام العرب إطلاق الصمد على السيد العظيم، وعلى الشيء المصمت الذي لا جوف له.. فإذا علمت ذلك، فالله تعالى هو السيد الذي هو وحده الملجأ عند الشدائد والحاجات، وهو الذي تنزه وتقدس وتعالى عن صفات المخلوقين كأكل الطعام ونحوه، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً”.

وقال ابن تيمية في “مجموع الفتاوى”: “(الصمد) فيه للسلف ‏أقوال متعددة قد يظن أنها مختلفة، ‏وليس كذلك، بل كلها صواب. ‏والمشهور منها قولان: أحدهما: أن الصمد هو الذي لا جوف ‏له. والثاني: أنه السيد الذي يُصْمد إليه ‏في الحوائج.

قال أبو بكر الأنباري: لا خلاف بين أهل اللغة أن “الصمد” السيد الذي ليس فوقه أحد. الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم… وقال الخطابي: أصح الوجوه أنه السيد الذي يصمد إليه في الحوائج لأن الاشتقاق يشهد له، فإن أصل الصمد القصد. يقال: اصمد صمد فلان أي اقصد قصده، فالصمد السيد الذي يصمد إليه في الأمور، ويقصد في الحوائج، وقال قتادة: الصمد الباقي بعد خلقه”.

وقال الزجاج في “تفسير الأسماء الحسنى”: “وأصحه: أنه السيد المصمود (المقصود) إليه في الحوائج”. وقال الخطابي في “شأن الدعاء”: “(الصمد) هو السيد الذي يصمد إليه في الأمور، ويقصد في الحوائج والنوازل.. وقيل الصمد: الدائم. وقيل: الباقي بعد فناء الخلق”. وقال البخاري في باب قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ} يقول: العرب تسمي أشرافها “الصمد”.

وقال ابن باز: فسر معنى الصمد عند العلماء بمعنيين: أحدهما: أنه الذي لا جوف له، ليس من جنس المخلوقين، المخلوق له جوف يأكل ويشرب ويطعم، والله لا جوف له مصمت، كما قال تعالى: (الصمد) وكله فسر بالصمد.

وفسر معنى الصمد أيضًا: وهو أنه تصمد إليه الخلائق في حاجاتها، وترجوه، وتسأله، وتضرع إليه في حاجاتها سبحانه، وكله حق، هو الصمد لا جوف له، وهو الصمد ترفع إليه الحاجات.

معنى الصمد لغة

في المعجم الوسيط

الصَّمَدُ: المقصودُ لقضاءِ الحاجاتِ. و الصَّمَدُ اسمٌ من أسماءِ الله الحسنى. وفي التنزيل العزيز: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، اللهُ الصَّمَدُ) سورة الإخلاص.
ويقال: شيءٌ صَمَدٌ: مُصْمَتٌ لا جَوْفَ له.
الصَّمْدُ: المكانُ المرتفع. والجمع: أَصمادٌ، وصِمَادٌ.

معجم اللغة العربية المعاصر

الصَّمَد: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: السَّيِّد المُطاع الذي كمُل في أنواع الشّرف والسُّؤدد، المقصود إليه في الحوائج فلا يُقضى دونه أمرٌ، الدّائم الباقي بعد فناء خلقه. قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ. اللهُ الصَّمَدُ}.
صمَدَ / صمَدَ على / صمَدَ في. يَصمُد، صَمْدًا وصُمُودًا، فهو صامِد، والمفعول مصمود عليه.
صمَد الشّخصُ/ صمَد الشَّخصُ على الأمر ثبت واستمرّ عليه. صمد الجيشُ أمام العدُوّ.
صمَد في وجه الاستعمار: قاومه، عارضه وتحدَّاه. صمَدتِ الشَّركة في وجه المحنة. صمَدت القضيَّة للهجوم في المحكمة.
صمَد في مواجهة النَّوازل: صبَر وتحمَّل.
صمَد في وجه الظُّلم: وقف.

معجم لسان العرب

صَمَدَه يَصْمِدُه صَمْداً وصَمَد إِليه كلاهما قَصَدَه.
صَمَد صَمْدَ الأَمْر: قَصَدَ قَصْدَه واعتمده.

معجم القاموس المحيط

صَمَدُ: السَّيِّدُ لأِنَّهُ يُقْصَدُ، والدائِمُ، والرفيعُ.
مُصْمَتٌ لا جَوْفَ له،
الرَّجُلُ لا يَعْطَشُ ولا يَجوعُ في الحَرْبِ.

معجم مختار الصحاح

ص م د: الصَّمَدُ السيد لأنه يُصمد إليه في الحوائج أي يُقصد. يقال صَمَدَهُ من باب نصره أي قصده.

المعجم الغني

رَجُلٌ صَمَدٌ: الْمُتَجَلِّدُ فِي الْحَرْبِ، الْمُقَاوِمُ الَّذِي لاَ يَعْطَشُ وَلاَ يَجُوعُ أَثْنَاءهَا.
صَمَدَ صَمْداً: ثَبَتَ ثَبَاتاً. صَمْداً صَمْداً حَتَّى يَتَجَلَّى لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ.

المعجم الرائد

صمد من أسماء الله الحسنى
سيد مطاع صاحب أمر.
صمد من الشيء الرفيع.
صمد من الشيء الجامد الذي لا جوف له.
الذي لا يعطش ولا يجوع في الحرب.

ماذا نستقي من معنى الصمد؟

أصل الصمد القصد، نقصد الله القوي الصمد الغني من بيده كل شيء الواحد الذي لا ند له ولا شريك له يمكن لهذه المعاني كلها أن تعبرعن معنى الصمد كما فسره الشيخ راتب النابلسي. (4)

إذا كان الله معك فمن عليك؟! وإذا كان الله عليك فمن معك؟! ويارب ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك!

تستطيع مشاهدة هذا الفيديو للشيخ البوطي رحمه الله لتتعلم منه أيضًا ما معنى الصمد؟

من خلال دراسة معنى الصمد، وجدنا أنها ليست مجرد كلمة وصفية تشير إلى الله جل وعلا، بل تحمل في طياتها فلسفة عظيمة وتعليمات عملية يمكن أن تؤثر في حياتنا وتقوي إيماننا. وتفتح لنا فهمًا أعمق للحكمة والرحمة الإلهية وتعزز رؤيتنا للخالق الصمد الذي لا يحتاج إلى أحد سبحانه وتعالى.

المصادر